سجين برهوت

تحت جنح الليل خرجوا جميعًا من البيت، متوجهين إلى البئر، ومعهم العنزتين، يتقدمهم الراهب الذي كان يتمتم بكلمات خافتة ويشهق خلال النطق بها، وخلفه "عامر" يحمل على ظهره جوالًا منتفخًا وثقيلًا، ثم الشيخ الذي كان يتلو في سره بعض آيات القرآن، وأخيرًا "حسان" وقد أمسك بحبل طوق به العنزتين من رقبتيهما، كانت ليلة ظلماء ساكنة، زاد سكونها الصحراء التي تحيط بالبئر الرهيب، وزاد من وحشتها منظر البئر. فقد كان عرضه أكثر من مائة متر،وقاعه بعيدة مظلمة،حتى لو تعامدت الشمس فوقه. عندما أصبحوا على مقربة عشرة أمتار من البئر،التفت الراهب إليهم وأمرهم بالانتظار، ثم أمر "حسان" أن يصحبه ومعه العنزتين، واقترب من حافة البئر وتبعه "حسان" الذي أخرج سكينًا من طيات ثيابه، ونظر للراهب منتظرًا أوامره. جلس الراهب على ركبتيه كوضع الجلوس للصلاة،ثم أخذ يضرب بكفيه على الأرض، ثم يحركها يمينًا ويسارًا حتى تغبرتا تمامًا،ثم رفع يديه لأعلى، وأخذ ينادي قائلًا: - "حاران".. "حاران". كرر الكلمة التي بدت علمًا لأحد ما من طريقة ندائه،ولكن لم يجبه أحد،ولم يحدث أي شيء. - "حاران".. "حاران"، يا حارس العصاة بالوديان،بحق الملك "برقان"،أجب مناديًا أتاك من أطراف الأرض حيران،أجب.. أجب.. أجب، الساعة.. الساعة.. الساعة.