عمر أبو القاسم الككلي ي إحدى العشيات، وبينما كانا يجلسان في الشرفة حول كوبين من الشاي يحسبان حجم الديون المتراكمة عليهما دون أي يجدا الفرصة لسداد ولو جزء منها، ويحاولان توزيع المبلغ الضئيل المتبقي ليهما على الأيام القادمة قبل الموعد المتعوقع للإفراج عن راتب أحدهما، ظهر رجل الشقة المقابلة في الشرفة حاملا ابنه، الذي لا يبدو أنه تعد السنتي، بين ذراعيه، صائحا بأعلى صوته:
- أصبحت الحياة لا تطاق
كان الطفل يبكي ضاربا الهواء بيديه ورجليه، استمر الرجل يصيح: - ماذا أفعل؟ لماذا لا يطير أطفال البني آدم مثل صغار العسافير؟ هكذا...
وطوح بالطفل الصارخ في الفراغ من ارتفاع الطابق الرابع. أطلق الطفل زعقة ضارية، كما لو كانت زعقة الحياة إذ تجد نفسها، على حين غرة، في قبضة الموت، فتزعق من شدة إحباطها وعجزها وخذلانها. انبترت الزعقة عند ارتطام الطفل بالأرض. انطلقت صرخات وشهقات من جهات مختلفة، وتداخلت في المستطيل الذي تطل عليه مجموعة البنايات. شهقت زوجته ووثبت ناهضة، فتعثرت وخرت مغشيا عليها
Genres:
183 Pages